رمضان كريم وشهر فضيل ... شهر اذا صامه المسلم غفر كل ماتقدم من ذنب وماتأخر ... شهر تحبس وتُقيد فيه الشياطين .. شهر انزل فيه القران .. شهر الفتوحات والانتصارات ... شهر يصوم فيه المسلم لكي يشعر ويحس بشعور الفقراء والمساكين .....الخ الخ الخ .
كل هذه الجمل نسمعها عن هذا الشهر لكن لماذا لا نرى هذه الصفات بل نرى عكسها؟؟؟!!!
شهر يكثر فيه غلاء الاسعار والتجاره بالاكل والملابس .. اذ حتى الفقراء لا تستطيع شراء اقل حاجاتهم الاساسيه
شهر تكثر فيه حب الشهوه والجنس حيث تكثر فيه التساؤلات حول موضوع الجنس والمعاشرات الزوجيه والفتاوي .. كيف الزوج يمارس مع زوجته الجنس صباحاً اثناء الصيام بدون ايلاج ..احضان ...وقبلات.. وملامسات .... الخ الخ الخ ......
شهر تكثر فيه المسلسلات والبرامج الترفيهيه حالياً في زمان التكنولوجيا ... والمحكاواتيه في الزمان السابق !!!!!
شهر يكثر فيه النوم نهاراً من كثر الجوع والعطش والتعبيس والخصومات والعصبيه شهر لا يستطيع احد ان يتحمل اخيه المسلم اذا اخطأ في حقه فتراه يتأفف وينزعج وكانه صايم رغماً عنه - وانا احبب ان احذف كلمه وكأن لانه فعلاً صايم رغماً عنه لذلك تراه ينفخ ويتأفف ويتعصب على اقل الاشياء- مردداً كلمه كالبغبغاء لا يدرك معناها (اللهم اني صائم)
شهر يتجلى ابليس وجنوده عياناً في المسلمين المتعصبين فيهرعون للقتل وإراقه الدماء تحت بند فتوحات وانتصارات تحت بند كفار ملعونيين تكثر فيه الضغينه والتحيز وتكفيرالاخر ويقولون إبليس قد حبس ...اذاً من يفعل كل الجرائم والسرقات والاعتدادات والاغتصاب والشهوات وممارسه الرذيله والنجاسه والرجاسه ؟؟؟؟
شهر الاكل وملئ البطون والعيون بما شاء من اكل وشرب وفرجه
يرددون كالبغبغاء شهر رمضان شهر انزل فيه القران وهم لا يركزون في اقوالهم اذ ان القران استغرق 23 سنه حتى نزل ولم ينزل مره واحده في شهر رمضان كما يدعون لكن ترديد كالبغبغاء ولا فهم ولا منفعة
رمضان كريم وشهر فضيل ... شهر اذا صامه المسلم غفر كل ماتقدم من ذنب وماتأخر ... شهر تحبس وتُقيد فيه الشياطين .. شهر انزل فيه القران .. شهر الفتوحات والانتصارات ... شهر يصوم فيه المسلم لكي يشعر ويحس بشعور الفقراء والمساكين .....الخ الخ الخ .
كل هذه الجمل نسمعها عن هذا الشهر لكن لماذا لا نرى هذه الصفات بل نرى عكسها؟؟؟!!!
نأسف للمقدمه الطويله لكن كان واجب علينا سرد هذه الحقيقه لعل من يستجيب
وسنختم المقدمه بسؤال مفتوح ونتمنى الاجابه
اذا كان صوم شهر رمضان حتى نشعر بالفقراء والمساكين اذاً لماذا الفقراء والمساكين يصومون ايضاً ؟؟؟ وهم بمن سيشعرون ؟؟؟؟
الان سنأتي الى موضوعنا الرئيسي وهو من اين اتى تشريع صوم رمضان هل هو فعلاً تشريع الهي موحى به لمحمد كما يدعي المشايخ والمسلمين ام انه محمد يفعل ويقلد كل مايراه من عبادات وثنيه كانت حوله في ذلك الوقت ؟؟؟؟الموضوع طويل جداً ونتمنى ان نجمعه كاملاً في هذا الموضوع .......
الموضوع بكل بساطة واختصار أن العرب قبل الاسلام كان لهم تقويم مثل بقية الامم وكانوا يتبنون التقويم القمري والمعروف ... أن التقويم القمري في حقيقته تقويم شهري وليس تقويم سنوي ، بمعنى أن القمر في دورته يعطي شهرا ولا يعطي سنة بعكس الشمس التي تعطي يوما وتعطي سنة ولا تعطي شهرا ، ( هكذا وبمنتهى البساطة حتى يستوعب الجميع ) ولذلك تجد الاشهر القمرية تدور على السنة الشمسية , بمعنى أننا لو جعلنا للسنة القمرية 12 شهرا وهو الحادث فأن لو حددنا شهر قمري معين نجده يدور على السنة الشمسية فمرة يأتي في فصل الربيع ومرة في فصل الشتاء ومرة في فصل الخريف ومرة في فصل الصيف وهكذا وبفارق 11 يوما في كل سنة شمسية لأن السنة القمرية ليست حقيقية وانما جعلو لها 12 شهرا لذلك فهي حسابية وليست فلكية ، اما السنة الشمسية فهي سنة حقيقية فلكية ناتجة عن دوران الشمس حول الارض ، لذلك قامت الامم السابقة بحساب الشهر وفقا للقمر وحساب السنة وفقا للشمس لأن القمر ليس له سنة والشمس ليس لها شهر فاخذو من القمر الشهر ومن الشمس السنة فنتج عن ذلك فارقا بين الاشهر القمرية والسنة الشمسية ، بمعنى أن كل 12 شهرا قمرا ينقص عن السنة الشمسية 11 يوما وهذا معروف لدى كل من له ادنى فكرة بعلم الفلك ، لأن السنة الشمسة تساوي 365 يوما ، والاثنى عشر شهرا قمريا تساوي 354 يوما ( 365 - 354 = 11 ) ولتعويض هذا النقص وضعو نظاما يسمونه الكبس وهو مختلف من أمة الى أخرى ، فمثلا اليهود وهم أكثر وافضل من ضبط هذه المسألة يعملون نظام الكبس بطريقة دقيقة جدا وهي أضافة 7 شهور الى كل دورة مكونة من 19 سنة وبذلك تتساوى السنة الشمسية مع السنة القمرية التي يحسبون لها 12 شهرا فتكون السنة شمسية والشهر قمري وهو نظام بالغ الدقة والوضوح ويجعل الشهر القمري ثابتا في نفس الموعد كل سنة ، وقد كان العرب قبل الاسلام بل واثناء الاسلام وحتى حجة الوداع التي كانت في نهاية عمر محمد يطبقون نظاما مشابها للنظام اليهودي ولكن بطريقتهم الخاصة وعلى أرجح الاقوال أنهم كانو يضيفون شهرا كل 3 سنوات كما يقول المسعودي وذلك بسبب جهلهم بطريقة الكبس عند اليهود ، ويذكر البيروني أن العرب بدأو في تطبيق نظام الكبس قبل الاسلام ب 200 سنة وطبعا استمر هذا النظام الى حجة الوداع وهي تعد الفصل الاخير في حياة محمد ، وينتج عن نظام الكبس عند العرب ثبات الاشهر القمرية وهذا هو السبب الذي وضعوا من اجله نظام الكبس ... وهذا هو لب موضوعنا وبيت القصيد ، لأن الشهور القمرية اصبحت ثابتة ومتوافقة مع الاشهر الشمسية ولذلك نجد أن شهر رمضان اسمه مشتق من الرمضاء وهي شدة الحر لأنه كان يأتي كل سنة في فصل الصيف ، كما اننا اذا حسبنا السنة الهجرية الان سنجد ان رمضان هو الشهر التاسع في السنة الهجرية وكان قبل الاسلام واثناء حياة محمد يتوافق مع الشهر التاسع الشمسي (على الارجح) وبذلك يكون اسمه رمضان على مسمى ، كما اننا سنجد شهر الربيع الاول والربيع الثاني يأتي كل سنة متوافقا مع الربيع وهذا هو المنطقي وهو الصحيح .
بالاضافة الى كل ما ذكرناه يتداخل ايضا نظام النسئ في تغيير الشهور القمرية وتقديم بعضها وتأخير بعضها الاخر ولن نتحدث عن نظام النسئ المتداخل مع الكبس لأن هذا ليس موضوعنا وننوه القارئ الكريم بعدم الخلط بين الامرين .وقد أقام محمد واصحابه كل شعائرهم الدينية وفقا لنظام الكبس عند العرب والكارثة أنه صام هو واصحابه تسع سنوات شهر رمضان أي أن محمد وأصحابه صاموا ( تسع رمضانات ) وفقا لنظام الكبس والنسئ ثم جاء في حجة الوداع وقال أن هذا النظام باطل وأن النسئ محرم وحرم ذلك الى الان فاصبح التقويم القمري بلا نظام كبس ولذلك اصبحت الشهور تدور فنجد رمضان الذي يعني شدة الحر قد يأتي في عز الشتاء والبرد ويدور على السنة الشمسية وكذلك بقية الشهور وأهمها مع شهر رمضان شهرالحج (ذو الحجة) ، لذلك وللتبسيط اكثر حتى يستوعب البسطاء من الناس نقول الان اصبحت عندنا حقيقتان لا شك فيهما
الحقيقة الاولى : أن الشهور كانت ثابتة طوال حياة محمد وحتى حجة الوداع ومن ذلك رمضان والحج
الحقيقة الثانية : أن الشهور اصبحت تدور على السنة الشمسية بعد حجة الوداع وحتى الان وينتج عن ذلك امران في غاية الاهمية
الامر الاول : أن محمد واصحابه صاموا رمضان وفق الحقيقة الاولى وهي التقويم بنظام الكبس
الامر الثاني : أن جميع المسلمين بعد محمد وحتى الان يصاموا ويحجوا وفق الحقيقة الثانية وهي التقويم بدون نظام الكبس
وهنا نكتشف الحقيقة التي لا مفر منها ابدا وهي لو كان كلام محمد صحيح وأن التقويم بنظام الكبس خطأ فيكون شهر رمضان الذي صامه محمد واصحابه لمدة تسع سنوات لم يكن صحيحا بل كان شهرا اخر غير رمضان كما أن حجة ابي بكر في السنة التاسعة لم تكن صحيحة ابدا بل كل التقويم الذي عمل به محمد واصحابه طوال تلك السنوات كان خاطئا جملة وتفصيلا ،أما أن كان محمد مخطئا والتقويم العربي بنظام الكبس هو السليم فمعنى ذلك أن كل الصيام الذي صامه المسلمون على أنه شهر رمضان وكل الحج الذي حجه المسلمون طوال كل القرون الماضية والحالية هي خاطئا جملة وتفصيلا ، ( وانا ارجح الامر الثاني وهو بطلان تقويم محمد وسلامة تقويم العرب ) .هذه خلاصة مؤكدة وحقيقة ظاهرة ثابتة لا ريب فيها لأن التقويم والفلك لا يكذبوا ابدا ، واعتقد انني بسطت الموضوع لأكبر قدر من التبسيط ومع ذلك اقول للمتخصصين في الفلك عليهم بأن يبحثوا هذا الموضوع جيدا وبحيادية وموضوعية وسيكتشفون بأنفسهم هذه الكارثة الفلكية التقويمية التي تسبب فيها محمد ،فإذا كان نظام الكبس عند العرب مع نظام النسئ محرما وخاطئا وغير دقيق وغير صحيح ... فلماذا صام محمد واصحابه تسع سنين وفقا لذلك النظام ؟ ولماذا ترك ابوبكر الصديق يحج في شهر غير ذي الحجة فيكون حجا باطلا ؟ ولماذا صمت جبريل طوال كل هذه السنوات وهو يرى خطئا فاحشا في التقويم ؟ هذه اسئلة منطقية وحتمية وليست هجوما على الاسلام ولا على المسلمين ،وبسبب هذا الامر حدث اختلافا بين علماء الدين الاسلامي الاوائل حول حجة ابي بكر في السنة التاسعة هل كانت في ذي القعدة ام في ذي الحجة والكثير منهم قال انها كانت في ذي القعدة ، لكنهم تجاهلوا تماما كل العبادات قبل حجة ابي بكر ومن ذلك شهر رمضان ومعه ليلة القدر لأن كل ذلك سيضيع مع التقويم المحمدي الجديد وهي كارثة كبيرة جدا حلت بالتقويم القمري وستذهب كل العبادات واولها شهر رمضان ادراج رياح التقويم المحمدي الجديد ، فأذا كانت حجة ابي بكر تغير وقتها وصارت في ذي القعدة وهي في السنة التاسعة أي في اواخر حياة محمد فكيف بما كان قبلها من العبادات ؟ فالامر خطير جدا ويحتاج الى تأمل ، ونرى بعض اقوال العلماء عن حجة ابي بكر ،ففي تفسير البغوي : قال مجاهد: كانوا يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في شهر ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور، فوافقت حجة أبي بكر رضي الله عنه قبل حجة الوداع السنة الثانية من ذي القعدة، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم في العام القابل حجة الوداع
وفي تفسير القرطبي :كان المشركون يحسبون السنة اثني عشر شهرا وخمسة عشر يوما، فكان الحج يكون في رمضان وفي ذي القعدة، وفي كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهر بزيادة الخمسة عشر يوما فحج أبو بكر سنة تسع في ذي القعدة بحكم الاستدارة، ولم يحج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كان في العام المقبل وافق الحج ذا الحجة في العشر،
وفي تفسير الالوسي : وكان في السنة التاسعة من الهجرة التي حج بها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بالناس في ذي القعدة
وفي تفسير ابي السعود : وعاد الحجُّ إلى ذي الحِجّة بعد ما كانوا أزالوه عن محله بالنسيءِ الذي أحدثوه في الجاهلية وقد وافقت حَجةُ الوَداعِ ذا الحِجة، وكانت حَجةُ أبي بكر رضي الله عنه قبلها في ذي القَعدة
وفي تفسير بن حيان : قال مجاهد: ثم كانوا يحجون في كل عام شهرين ولاء، وبعد ذلك يبدلون فيحجون عامين ولاء، ثم كذلك حتى كانت حجة أبي بكر في ذي القعدة حقيقة،
وفي تفسير بن عبد السلام : قال مجاهد: حج المشركون في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين ثم في ذي القعدة عامين الثاني منهما حجة أبي بكر، ثم حج الرسول صلى الله عليه وسلم من قابل في ذي الحجة،
وفي تفسير بن عطية : قال مجاهد: ثم كانوا يحجون في كل شهر عامين ولاء، وبعد ذلك يندلون، فيحجون عامين ولاء، ثم كذلك حتى كانت حجة أبي بكر في ذي القعدة حقيقة، وهم يسمونه ذا الحجة، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في ذي الحجة حقيقة
والكلام في هذه المسألة كثير جدا وأذا كانت حجة ابي بكر حدثت في ذي القعدة بسبب نظام الكبس مع نظام النسئ عند العرب فكيف بكل العبادات التي قبلها ،ولتوضيح الامر اكثر نعطي مثالا واضاحا ، فلو وضعنا مثلا نظامين للتقويم القمري احدهما بحساب العرب قديما قبل أن يحرمه محمد وهو نظام الكبس ، والاخر بالتقويم الهجري الحالي الذي لا يعمل بنظام الكبس ، وبدأنا من اول السنة من شهر المحرم ، فماذا سينتج عن ذلك ؟ سيأتي شهر المحرم بالتقويم العربي في كل سنة في موعده ، ولكن الذي بالتقويم المحمدي سيتغير من سنة لأخرى ، ثم يلتقيان مرة اخرى بعد 33 سنة بالضبط ، أي أن بعد 33 سنة سيأتي شهر المحرم مع شهر المحرم كمثل اول مرة ، وهذا شئ يعرفه المتخصصون بعلم الفلك ، وايضا كان يعرفه العرب قديما ولذلك عاد شهر الحج لوقته في حجة الوداع واصبح هو نفسه بالتقويمين ، ولذلك قال محمد أن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والارض ، وهي مبالغة كبيرة من محمد مع امر بسيط وسهل ومعروف للجميع ، ومعنى ذلك أن ال 33 سنة قبل حجة الوداع لم يكن التقويم الذي يعمل به العرب موافقا للتقويم المحمدي الجديد ، وبما أن محمد ظل في الدعوة لدينه 23 سنة فمعنى ذلك لم يكن ولا شهر واحد من تلك الشهور التي عاشها محمد في دعوى النبوة موافقا للشهور الصحيحة ، ومعنى ذلك أن شهر رمضان الذي صامه محمد لتسع سنوات لم يكن في الحقيقة رمضان ولا ليلة القدر هي نفسها ليلة القدر وهكذا الخ ، انها بالفعل مشكلة كبيرة وخطيرة جدا ومثيرة ايضا ،ولتأكيد ورطة محمد في هذا الامر الفلكي البحت لا ننسى قصة صيام محمد واصحابه ليوم عاشوراء بعد أن وجد اليهود يصومونه بزعم أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى من فرعون وهذا الحديث موجود في الصحيحين البخاري ومسلم ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال : ( ما هذا ) . قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى . قال : ( فأنا أحق بموسى منكم ) . فصامه وأمر بصيامه البخاري وفي صحيح مسلم ايضا عن عبد الله بن عباس حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه ، قالوا : يا رسول الله ! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع . قال : فلم يأت العام المقبل ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن نعرف أن اليهود يحسبون تقويمهم بنظام الكبس ومازالو حتى اليوم فيجعلون الشهر القمري ثابتا في نفس الموعد كل سنة وهذا ما يعتبره محمد خطئا وقام بتحريمه ، فلماذا صام عاشوراء مع اليهود ؟ ولماذا لم يقل لليهود أو على الاقل لأصحابه أن هذا اليوم ليس يوم عاشوراء لأن حساب اليهود ليس دقيقا ، والغريب ان المسلمون مازالو يصومون يوم عاشوراء حتى الان فأخذوه من اليهود واليهود عندهم ذلك اليوم ثابتا كل سنة اما المسلمون فيتغير اليوم في كل سنة واصبح عاشوراء اليهودي في وادي وعاشوراء الاسلامي في وادي اخر ، فكيف يأخذون منهم اليوم ثم يغيرونه كما يحلو لهم ؟ والحقيقة أن ما كان يفعله العرب هو الامر الصحيح لأن نظام الكبس كان هو المعمول به من قبل الامم الاخرى ومازال اليهود يعملون به حتى الان وقد برعوا فيه ، وهو أمر لابد منه لتعويض الفارق بين السنة الشمسية والاثنى عشر شهرا قمريا ، وقد حاول علماء الاسلام قديما وحديثا أن يقنعونا بأن حساب السنة على القمر هو افضل الحساب ويجهل هولاء او يتجاهلون بأن السنة عند القمر هي الشهر وأن القمر في الحقيقة لا سنة له ، كما يتجاهلون أنهم يحسبون كل صلواتهم بالاضافة الى الليل والنهار وما نتج عنهما من اوقات أنما يكون بالشمس لا بالقمر ، كما ان الارض والقمر وكل كواكب المجموعة الشمسية تابعة للشمس فحساب السنة بالشمس هو الاصل وهو الحساب الحقيقي ولا مانع من حساب الشهر بالقمر لأن حساب الشهر بالقمر هو الاصح فاليوم لا يكون ابدا الا بالشمس والشهر لا يكون الا بالقمر والسنة لا تكون الا بالشمس وهذا هو التقويم الحق الذي كان يتبعه أكثر العرب ولذلك كانت الشهور عندهم ثابتة لا تدور مع الفصول بل تتوافق معها تماما ، الا أن محمد الغى الكبس بأية سورة التوبة التي تقول ( أن عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا ) والغى النسئ بأية ( أنما النسئ زيادة في الكفر ) فالاية الاولى تحرم أي زيادة على الاثنى عشر شهرا وهو نظام الكبس والاية الثانية تحرم النسئ وهو تغيير الشهور ، وتحريم الكبس ومنعه هو الذي أدى الى تدميرالتقويم العربي وابداله بتقويم هو الاسوأ في العالم وحتى العلماء الذين يمتدحونه اليوم من امثال زغلول النجار وغيره لا يسيرون عليه ولا يلقون له بالا ولا يجيدون الحساب سوى بالتقويم الشمسي ، وبالاضافة الى ما فعله محمد من الغاء نظام الكبس الذي يعوض الفارق بين الاثنى عشر شهرا قمريا والسنة الشمسية فأنه اصر على ان الهلال لابد وأن تثبت رؤيته بالعين المجردة وهو ما جعل التقويم الهجري تقويم غير عملي وسئ جيدا وجعل المسلمين في حالة اضطراب وتخبط في اثبات الشهر القمري ونحن نرى كل سنة ما يحدث من اختلاف بين الدول الاسلامية في رؤية الهلال مما يجعلهم موضع سخرية من الامم الاخرى فاليهود مع انهم يطبقون التقويم القمري الا انهم يستطيعون تحديد الشهور ولو بعد الف عام ، وبالمقابل المسلمون عاجزون عن تحديد شهر قد دخل بالفعل . والغريب جدا والمثير للتساؤل أن محمدا بعد أن الغى وحرم نظام الكبس والنسئ بزعم المحافظة على الاربعة اشهر الحرم ودفاعا عنها وعن حرميتها الا أن بعض العلماء ذكر أن حرمانية تلك الاشهر قد نسخت فاصبح القتال مباحا طوال السنة وقد قاتل وتقاتل المسلمون في كل الشهور ، وهذا امر غريب جدا ! وهذه بعض اقوال العلماء بخصوص التقويم القمري :قول ابو ريحان البيروني في كتاب الاثار الباقية وكان العرب في الجاهليّة يستعملونها علی نحو ما يستعمله أهل الإسلام. وكان يدور حجّهم في الازمنة الاربعة، ثمّ أرادوا أن يحجّوا في وقت إدراك سلعهم من الاُدْم والجلود والثمار وغير ذلك، وأن يثبت ذلك علی حالة واحدة وفي أطيب الازمنة وأخصبها. فتعلّموا الكبسَ من إلیهود المجاورين لهم وذلك قبل الهجرة بقريب من مائتي سنة فأخذوا يعملون بها ما يشاكل فعل إليهود من إلحاق فضل ما بين سنتهم وسنة الشمس شهراً بشهورها إذا تمّ. ويتولّي القَلاَمِسُ بعد ذلك أن يقومون بعد انقضاء الحجّ، ويخطبون في الموسم، وينسئون الشهر، ويسمّون التإلی له باسمه. فيتّفق العرب علی ذلك ويقبلون قوله ويسمّون هذا من فعلهم: النسيء، لانـّهم كانوا ينسأون أوّل السنة في كلّ سنتين أو ثلاث شهراً علی حسب ما يستحقّه التقدّم. قال قائلهم: لَنَا نَاسِيٌ تَمْشُونَ تَحْتَ لِوائِهِ يُحِلُّ إذَا شَاءَ الشُّهُورَ وَيُحَرِّمُ وكان النسيء الاوّل للمحرّم، فسمّي صفر به وشهر ربيع الاوّل باسم صفر، ثمّ والوا بين أسماء الشهور. وكان النسيء الثاني لصفر فسمّي الشهر الذي كان يتلوه وهو ربيع الاوّل بصفر أيضاً. وكذلك حتّي دار النسيء في الشهور الاثني عشر، وعاد إلی المحرّم، فأعادوا بها فعلهم الاوّل. وكانوا يعدّون أدوار النسيء ويحدّون بها الازمنة فيقولون قد دارت السنون من زمان كذا إلی زمان كذا دورة. فإن ظهر لهم مع ذلك تقدّم شهر عن فصل من الفصول الاربعة لما يجتمع من كسور سنة الشمس وبقيّة فصل ما بينها وبين سنة القمر الذي ألحقوه بها كبسوها كبساً ثانياً وكان يبيّن لهم ذلك بطلوع منازل القمر وسقوطها حتّي هاجر النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم. وكانت نوبة النسيء كما ذكرت بلغت شعبان، فسمّي محرّماً، وشهر رمضان صفر.فانتظر النبيّ صلّي الله عليه وسلّم حينئذٍ حجّة الوداع وخطب للناس وقال فيها: ألاَ وإنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَهُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ.عنى بذلك أنّ الشهور قد عادت إلی مواضعها، وزال عنها فعل العرب بها. ولذلك سمّيت حجّة الوداع، الحجّ الاقْوَم ثمّ حرّم ذلك، وأهمل أصلاً.
ويقول في موضع آخر: وفي التاسع عشر من شهر رمضان فتح مكّة. ولم يقم رسول الله صلّي الله عليه وسلّم الحجّ، لانّ شهور العرب كانت زائلة بسبب النسيء. وتربّص حتّي عادت إلی مكانها، ثمّ حجّ حجّة الوداع، وحرّم النسيء .
يقول المسعودي في مروج الذهب :شهور الاهلّة: أوّلها المحرّم، وأيّامها ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً تنقص عن السريانيّ أحد عشر يوماً وربع يوم. فتفرق في كلّ ثلاث وثلاثين سنة، فتنسلخ تلك السنة العربيّة، ولا يكون فيها نيروز. وقد كانت العرب في الجاهليّة تكبس في كلّ ثلاث سنين شهراً وتسمّية النسيء، وهو التأخير. وقد ذمّ الله تبارك وتعالي فعلهم بقوله: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ.
يقول القرطبي في تفسيره :وقال مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور كلها حتى وافقت حجة أبي بكر التي حجها قبل حجة الوداع ذا القعدة من السنة التاسعة. ثم حج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العام المقبل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة، فذلك قوله في خطبته: «إن الزمان قد استدار» الحديث. أراد بذلك أن أشهر الحج رجعت إلى مواضعها، وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسي.
قال إياس بن معاوية: كان المشركون يحسبون السنة اثني عشر شهرا وخمسة عشر يوما، فكان الحج يكون في رمضان وفي ذي القعدة، وفي كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهر بزيادة الخمسة عشر يوما فحج أبو بكر سنة تسع في ذي القعدة بحكم الاستدارة، ولم يحج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كان في العام المقبل وافق الحج ذا الحجة في العشر، ووافق ذلك الأهلة. وهذا القول أشبه بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الزمان قد استدار».
أي زمان الحج عاد إلى وقته الأصلي الذي عينه الله يوم خلق السموات والأرض بأصل المشروعية التي سبق بها علمه، ونفذ بها حكمه.
ثم قال: السنة اثنا عشر شهرا. ينفي بذلك الزيادة التي زادوها في السنة- وهي الخمسة عشر يوما- بتحكمهم، فتعين الوقت الأصلي وبطل التحكم الجهلي. وحكى الامام المازري عن الخوارزمي أنه قال: أول ما خلق الله الشمس أجراها في برج الحمل، وكان الزمان الذي أشار به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صادف حلول الشمس برج الحمل.
وهذا يحتاج إلى توقيف، فإنه لا يتوصل إليه إلا بالنقل عن الأنبياء، ولا نقل صحيحا عنهم بذلك، ومن ادعاه فليسنده. ثم إن العقل يجوز خلاف ما قال، وهو أن يخلق الله الشمس قبل البروج، ويجوز أن يخلق ذلك كله دفعة واحدة.
ثم إن علماء التعديل قد اختبروا ذلك فوجدوا الشمس في برج الحوت وقت قوله عليه السلام: «إن الزمان قد استدار» بينها وبين الحمل عشرون درجة. ومنهم من قال عشر درجات. والله أعلم. واختلف أهل التأويل في أول من نسأ، فقال ابن عباس وقتادة والضحاك: بنو مالك بن كنانة، وكانوا ثلاثة.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أول من فعل ذلك عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف.وقال الكلبي: أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة، ثم كان بعده رجل يقال له: جنادة بن عوف، وهو الذي أدركه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الزهري: حي من بني كنانة ثم من بني فقيم منهم رجل يقال له القلمس واسمه حذيفة بن عبيد.وفي رواية: مالك بن كنانة. وكان الذي يلي النسي يظفر بالرئاسة لتريس العرب إياه.
يقول الالوسي في تفسيره :وقرأ نافع {النسي} بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء، والمراد به تأخير حرمة شهر إلى آخر، وذلك أن العرب كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرموا مكانه شهرًا آخر فيستحلون المحرم ويحرمون صفرًا فإن احتاجوا أيضًا أحلوه وحرموا ربيعًا الأول وهكذا كانوا يفعلون حتى استدال التحريم على شهور السنة كلها، وكانوا يعتبرون في التحريم مجرد العدد لا خصوصية الأشهر المعلومة، ورا زادوا في عدد الشهور بأن يجعلوها ثلاثة عشر أو أربعة عشر ليتسع لهم الوقت ويجعلوا أربعة أشهر من السنة حرامًا أيضًا، ولذلك نص على العدد المعين في الكتاب والسنة، وكان يختلف وقت حجهم لذلك، وكان في السنة التاسعة من الهجرة التي حج بها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بالناس في ذي القعدة وفي حجة الوداع في ذي الحجة وهو الذي كان على عهد إبراهيم عليه السلام ومن قبله من الأنبياء عليهم السلام. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الزمان قد استدار» الحديث، وفي رواية أنهم كانوا يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين وفي المحرم عامين وهكذا، ووافقت حجة الصديق في ذي القعدة من سنتهم الثانية، وكانت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان من قبل ولذا قال ما قال، أي إنما ذلك التأخير {النسىء زِيَادَةٌ فِى الكفر} الذي هم عليه لأنه تحريم ما أحل الله تعالى وقد استحلوه واتخذوه شريعة وذلك كفر ضموه إلى كفرهم.
يقول الرازي
المسألة الأولى: في {النسئ} قولان:القول الأول: أنه التأخير.قال أبو زيد: نسأت الإبل عن الحوض أنسأها نسأ إذا أخرتها وأنسأته إنساء إذا أخرته عنه، والاسم النسيئة والنسء، ومنه: أنسأ الله فلاناً أجله، ونسأ في أجله قال أبو علي الفارسي: النسئ مصدر كالنذير والنكير، ويحتمل أيضاً أن يكون نسئ بمعنى منسوء كقتيل: بمعنى مقتول، إلا أنه لا يمكن أن يكون المراد منه هاهنا المفعول، لأنه إن حمل على ذلك كان معناه: إنما المؤخر زيادة في الكفر، والمؤخر الشهر، فيلزم كون الشهر كفراً، وذلك باطل، بل المراد من النسيء هاهنا المصدر بمعنى الإنساء، وهو التأخير. وكان النسئ في الشهور عبارة عن تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر، ليست له تلك الحرمة.
وروي عن ابن كثير من طريق شبل: النسء بوزن النفع وهو المصدر الحقيقي، كقولهم: نسأت، أي أخرت وروي عنه أيضاً: النسئ مخففة الياء، ولعله لغة في النسء بالهمزة مثل: أرجيت وأرجأت.
وروي عنه: النسي مشدد الياء بغير همزة وهذا على التخفيف القياسي.والقول الثاني: قال قطرب: النسئ أصله من الزيادة يقال: نسأل في الأجل وأنسأ إذا زاد فيه، وكذلك قيل للبن النسء لزيادة الماء فيه، ونسأت المرأة حبلت، جعل زيادة الولد فيها كزيادة الماء في اللبن، وقيل للناقة: نسأتها، أي زجرتها ليزداد سيرها وكل زيادة حدثت في شيء فهو نسئ قال الواحدي: الصحيح القول الأول، وهو أن أصل النسئ التأخير، ونسأت المرأة إذا حبلت لتأخر حيضها، ونسأت الناقة أي أخرتها عن غيرها، لئلا يصير اختلاط بعضها ببعض مانعاً من حسن المسير، ونسأت اللبن إذا أخرته حتى كثر الماء فيه.
إذا عرفت هذين القولين فنقول: إن القوم علموا أنهم لو رتبوا حسابهم على السنة القمرية، فإنه يقع حجهم تارة في الصيف وتارة في الشتاء، وكان يشق عليهم الأسفار ولم ينتفعوا بها في المرابحات والتجارات، لأن سائر الناس من سائر البلاد ما كانوا يحضرون إلا في الأوقات اللائقة الموافقة، فعلموا أن بناء الأمر على رعاية السنة القمرية يخل بمصالح الدنيا، فتركوا ذلك واعتبروا السنة الشمسية، ولما كانت السنة الشمسية زائدة على السنة القمرية بمقدار معين، احتاجوا إلى الكبيسة وحصل لهم بسبب تلك الكبيسة أمران:
أحدهما: أنهم كانوا يجعلون بعض السنين ثلاثة عشر شهراً بسبب اجتماع تلك الزيادات.
والثاني: أنه كان ينتقل الحج من بعض الشهور القمرية إلى غيره، فكان الحج يقع في بعض السنين في ذي الحجة وبعده في المحرم وبعده في صفر، وهكذا في الدور حتى ينتهي بعد مدة مخصوصة مرة أخرى إلى ذي الحجة، فحصل بسبب الكبيسة هذان الأمران:
أحدهما: الزيادة في عدة الشهور.
والثاني: تأخير الحرمة الحاصلة لشهر إلى شهر آخر .
وقد بينا أن لفظ النسئ يفيد التأخير عند الأكثرين، ويفيد الزيادة عند الباقين، وعلى التقديرين فإنه منطبق على هذين الأمرين.
والحاصل من هذا الكلام: أن بناء العبادات على السنة القمرية يخل مصالح الدنيا، وبناؤها على السنة الشمسية يفيد رعاية مصالح الدنيا والله تعالى أمرهم من وقت إبراهيم وإسمعيل عليهما السلام ببناء الأمر على رعاية السنة القمرية، فهم تركوا أمر الله في رعاية السنة القمرية، واعتبروا السنة الشمسية رعاية لمصالح الدنيا، وأوقعوا الحج في شهر آخر سوى الأشهر الحرم، فلهذا السبب عاب الله عليهم وجعله سبباً لزيادة كفرهم، وإنما كان ذلك سبباً لزيادة الكفر، لأن الله تعالى أمرهم بإيقاع الحج في الأشهر الحرم، ثم إنهم بسبب هذه الكبيسة أوقعوه في غير هذه الأشهر، وذكروا لأتباعهم أن هذا الذي عملناه هو الواجب، وأن إيقاعه في الشهور القمرية غير واجب، فكان هذا إنكاراً منهم لحكم الله مع العلم به وتمرداً عن طاعته، وذلك يوجب الكفر بإجماع المسلمين فثبت أن عملهم في ذلك النسئ يوجب زيادة في الكفر، وأما الحساب الذي به يعرف مقادير الزيادة الحاصلة بسبب تلك الكبائس فمذكور في الزيجات،
وأما المفسرون فإنهم ذكروا في سبب هذا التأخير وجهاً آخر فقالوا: إن العرب كانت تحرم الشهور الأربعة، وكان ذلك شريعة ثابتة من زمان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وكان العرب أصحاب حروب وغارات فشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغزون فيها وقالوا: إن توالت ثلاثة أشهر حرم لا نصيب فيها شيئاً لنهلكن، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم.
قال الواحدي: وأكثر العلماء على أن هذا التأخير ما كان يختص بشهر واحد، بل كان ذلك حاصلاً في كل الشهور، وهذا القول عندنا هو الصحيح على ما قررناه. واتفقوا أنه عليه السلام لما أراد أن يحج في سنة حجة الوداع عاد الحج إلى شهر ذي الحجة في نفس الأمر، فقال عليه السلام: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً» وأراد أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها.
المسألة الثانية: قوله تعالى: {زِيَادَةٌ فِي الكفر} معناه: أنه تعالى حكى عنهم أنواعاً كثيرة من الكفر، فلما ضموا إليها هذا العمل ونحن قد دللنا على أن هذا العمل كفر كان ضم هذا العمل إلى تلك الأنواع المذكورة سالفاً من الكفر زيادة في الكفر. احتج الجبائي بهذه الآية على فساد قول من يقول: الإيمان مجرد الاعتقاد والإقرار، قال: لأنه تعالى بين أن هذا العمل زيادة في الكفر والزيادة على الكفر يجب أن تكون إتماماً، فكان ترك هذا التأخير إيماناً، وظاهر أن هذا الترك ليس بمعرفة ولا بإقرار. فثبت أن غير المعرفة والإقرار قد يكون إيماناً قال المصنف رضي الله عنه: هذا الاستدلال ضعيف، لأنا بينا أنه تعالى لما أوجب عليهم إيقاع الحج في شهر ذي الحجة مثلاً من الأشهر القمرية، فإذا اعتبرنا السنة الشمسية، فربما وقع الحج في المحرم مرة وفي صفر أخرى. فقولهم: بأن هذا الحج صحيح يجزى، وأنه لا يجب عليهم إيقاع الحج في شهر ذي الحجة إن كان منهم بحكم علم بالضرورة كونه من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فكان هذا كفراً بسبب عدم العلم وبسبب عدم الإقرار.
أما قوله تعالى: {يُضَلُّ بِهِ الذين كَفَرُواْ} فهذا قراءة العامة وهي حسنة لإسناد الضلال إلى الذين كفروا لأنهم إن كانوا ضالين في أنفسهم فقد حسن إسناد الضلال إليهم، وإن كانوا مضلين لغيرهم حسن أيضاً، لأن المضل لغيره ضال في نفسه لامحال. وقراءة أهل الكوفة {يضل} بضم الياء وفتح الضاد، ومعناه: أن كبراءهم يضلونهم بحملهم على هذا التأخير في الشهور، فأسند الفعل إلى المفعول كقوله في هذه الآية: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أعمالهم} أي زين لهم ذلك حاملوهم عليه.
وقرأ أبو عمرو في رواية من طريق ابن مقسم {يُضَلُّ بِهِ الذين كَفَرُواْ} بضم الياء وكسر الضاد وله ثلاثة أوجه: أحدها: يضل الله به الذين كفروا.والثاني: يضل الشيطان به الذين كفروا.والثالث: وهو أقواها يضل به الذين كفروا تابعيهم والآخذين بأقوالهم، وإنما كان هذا الوجه أقوى لأنه لم يجر ذكر الله ولا ذكر الشيطان.واعلم أن الكناية في قوله: {يُضِلُّ بِهِ} يعود إلى النسئ وقوله: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرّمُونَهُ عَامًا} فالضمير عائد إلى النسئ. والمعنى: يحلون ذلك الإنساء عاماً ويحرمونه عاماً.قال الواحدي: يحلون التأخير عاماً وهو العام الذي يريدون أن يقاتلوا في المحرم، ويحرمون التأخير عاماً آخر وهو العام الذي يدعون المحرم على تحريمه.قال رضي الله عنه هذا التأويل إنما يصح إذا فسرنا النسئ بأنهم كانوا يؤخرون المحرم في بعض السنين، وذلك يوجب أن ينقلب الشهر المحرم إلى الحل وبالعكس، إلا أن هذا إنما يصلح لو حملنا النسئ على المفعول وهو المنسوء المؤخر، وقد ذكرنا أنه مشكل لأنه يقتضي أن يكون الشهر المؤخر كفراً وأنه غير جائز إلا إذا قلنا إن المراد من النسئ المنسوء وهو المفعول، وحملنا قوله: {إِنَّمَا النسئ} زيادة في الكفر على أن المراد العمل الذي به يصير النسئ سبباً في زيادة الكفر، وبسبب هذا الإضمار يقوى هذا التأويل.أما قوله: {لّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله} قال أهل اللغة يقال: واطأت فلاناً على كذا إذا وافقته عليه.
قال المبرد: يقال: تواطأ القوم على كذا إذا اجتمعوا عليه، كان كل واحد يطأ حيث يطأ صاحبه والإيطاء في الشعر من هذا وهو أن يأتي في القصيدة بقافيتين على لفظ واحد، ومعنى واحد.قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنهم ما أحلوا شهراً من الحرام إلا حرموا مكانه شهراً من الحلال، ولم يحرموا شهراً من الحلال إلا أحلوا مكانه شهراً من الحرام، لأجل أن يكون عدد الأشهر الحرم أربعة، مطابقة لما ذكره الله تعالى، هذا هو المراد من المواطأة. ولما بين تعالى كون هذا العمل كفراً ومنكراً قال: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أعمالهم والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} قال ابن عباس والحسن: يريد زين لهم الشيطان هذا العمل والله لا يرشد كل كفار أثيم.
بقلم الباحث : علي السعدي
بالاضافة الى كل ما ذكرناه يتداخل ايضا نظام النسئ في تغيير الشهور القمرية وتقديم بعضها وتأخير بعضها الاخر ولن نتحدث عن نظام النسئ المتداخل مع الكبس لأن هذا ليس موضوعنا وننوه القارئ الكريم بعدم الخلط بين الامرين .وقد أقام محمد واصحابه كل شعائرهم الدينية وفقا لنظام الكبس عند العرب والكارثة أنه صام هو واصحابه تسع سنوات شهر رمضان أي أن محمد وأصحابه صاموا ( تسع رمضانات ) وفقا لنظام الكبس والنسئ ثم جاء في حجة الوداع وقال أن هذا النظام باطل وأن النسئ محرم وحرم ذلك الى الان فاصبح التقويم القمري بلا نظام كبس ولذلك اصبحت الشهور تدور فنجد رمضان الذي يعني شدة الحر قد يأتي في عز الشتاء والبرد ويدور على السنة الشمسية وكذلك بقية الشهور وأهمها مع شهر رمضان شهرالحج (ذو الحجة) ، لذلك وللتبسيط اكثر حتى يستوعب البسطاء من الناس نقول الان اصبحت عندنا حقيقتان لا شك فيهما
الحقيقة الاولى : أن الشهور كانت ثابتة طوال حياة محمد وحتى حجة الوداع ومن ذلك رمضان والحجالحقيقة الثانية : أن الشهور اصبحت تدور على السنة الشمسية بعد حجة الوداع وحتى الان وينتج عن ذلك امران في غاية الاهمية
الامر الاول : أن محمد واصحابه صاموا رمضان وفق الحقيقة الاولى وهي التقويم بنظام الكبس
الامر الثاني : أن جميع المسلمين بعد محمد وحتى الان يصاموا ويحجوا وفق الحقيقة الثانية وهي التقويم بدون نظام الكبس
وهنا نكتشف الحقيقة التي لا مفر منها ابدا وهي لو كان كلام محمد صحيح وأن التقويم بنظام الكبس خطأ فيكون شهر رمضان الذي صامه محمد واصحابه لمدة تسع سنوات لم يكن صحيحا بل كان شهرا اخر غير رمضان كما أن حجة ابي بكر في السنة التاسعة لم تكن صحيحة ابدا بل كل التقويم الذي عمل به محمد واصحابه طوال تلك السنوات كان خاطئا جملة وتفصيلا ،أما أن كان محمد مخطئا والتقويم العربي بنظام الكبس هو السليم فمعنى ذلك أن كل الصيام الذي صامه المسلمون على أنه شهر رمضان وكل الحج الذي حجه المسلمون طوال كل القرون الماضية والحالية هي خاطئا جملة وتفصيلا ، ( وانا ارجح الامر الثاني وهو بطلان تقويم محمد وسلامة تقويم العرب ) .هذه خلاصة مؤكدة وحقيقة ظاهرة ثابتة لا ريب فيها لأن التقويم والفلك لا يكذبوا ابدا ، واعتقد انني بسطت الموضوع لأكبر قدر من التبسيط ومع ذلك اقول للمتخصصين في الفلك عليهم بأن يبحثوا هذا الموضوع جيدا وبحيادية وموضوعية وسيكتشفون بأنفسهم هذه الكارثة الفلكية التقويمية التي تسبب فيها محمد ،فإذا كان نظام الكبس عند العرب مع نظام النسئ محرما وخاطئا وغير دقيق وغير صحيح ... فلماذا صام محمد واصحابه تسع سنين وفقا لذلك النظام ؟ ولماذا ترك ابوبكر الصديق يحج في شهر غير ذي الحجة فيكون حجا باطلا ؟ ولماذا صمت جبريل طوال كل هذه السنوات وهو يرى خطئا فاحشا في التقويم ؟ هذه اسئلة منطقية وحتمية وليست هجوما على الاسلام ولا على المسلمين ،وبسبب هذا الامر حدث اختلافا بين علماء الدين الاسلامي الاوائل حول حجة ابي بكر في السنة التاسعة هل كانت في ذي القعدة ام في ذي الحجة والكثير منهم قال انها كانت في ذي القعدة ، لكنهم تجاهلوا تماما كل العبادات قبل حجة ابي بكر ومن ذلك شهر رمضان ومعه ليلة القدر لأن كل ذلك سيضيع مع التقويم المحمدي الجديد وهي كارثة كبيرة جدا حلت بالتقويم القمري وستذهب كل العبادات واولها شهر رمضان ادراج رياح التقويم المحمدي الجديد ، فأذا كانت حجة ابي بكر تغير وقتها وصارت في ذي القعدة وهي في السنة التاسعة أي في اواخر حياة محمد فكيف بما كان قبلها من العبادات ؟ فالامر خطير جدا ويحتاج الى تأمل ، ونرى بعض اقوال العلماء عن حجة ابي بكر ،ففي تفسير البغوي : قال مجاهد: كانوا يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في شهر ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور، فوافقت حجة أبي بكر رضي الله عنه قبل حجة الوداع السنة الثانية من ذي القعدة، ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم في العام القابل حجة الوداع
وفي تفسير القرطبي :كان المشركون يحسبون السنة اثني عشر شهرا وخمسة عشر يوما، فكان الحج يكون في رمضان وفي ذي القعدة، وفي كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهر بزيادة الخمسة عشر يوما فحج أبو بكر سنة تسع في ذي القعدة بحكم الاستدارة، ولم يحج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كان في العام المقبل وافق الحج ذا الحجة في العشر،
وفي تفسير الالوسي : وكان في السنة التاسعة من الهجرة التي حج بها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بالناس في ذي القعدة
وفي تفسير ابي السعود : وعاد الحجُّ إلى ذي الحِجّة بعد ما كانوا أزالوه عن محله بالنسيءِ الذي أحدثوه في الجاهلية وقد وافقت حَجةُ الوَداعِ ذا الحِجة، وكانت حَجةُ أبي بكر رضي الله عنه قبلها في ذي القَعدة
وفي تفسير بن حيان : قال مجاهد: ثم كانوا يحجون في كل عام شهرين ولاء، وبعد ذلك يبدلون فيحجون عامين ولاء، ثم كذلك حتى كانت حجة أبي بكر في ذي القعدة حقيقة،
وفي تفسير بن عبد السلام : قال مجاهد: حج المشركون في ذي الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين ثم في ذي القعدة عامين الثاني منهما حجة أبي بكر، ثم حج الرسول صلى الله عليه وسلم من قابل في ذي الحجة،
وفي تفسير بن عطية : قال مجاهد: ثم كانوا يحجون في كل شهر عامين ولاء، وبعد ذلك يندلون، فيحجون عامين ولاء، ثم كذلك حتى كانت حجة أبي بكر في ذي القعدة حقيقة، وهم يسمونه ذا الحجة، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في ذي الحجة حقيقة
والكلام في هذه المسألة كثير جدا وأذا كانت حجة ابي بكر حدثت في ذي القعدة بسبب نظام الكبس مع نظام النسئ عند العرب فكيف بكل العبادات التي قبلها ،ولتوضيح الامر اكثر نعطي مثالا واضاحا ، فلو وضعنا مثلا نظامين للتقويم القمري احدهما بحساب العرب قديما قبل أن يحرمه محمد وهو نظام الكبس ، والاخر بالتقويم الهجري الحالي الذي لا يعمل بنظام الكبس ، وبدأنا من اول السنة من شهر المحرم ، فماذا سينتج عن ذلك ؟ سيأتي شهر المحرم بالتقويم العربي في كل سنة في موعده ، ولكن الذي بالتقويم المحمدي سيتغير من سنة لأخرى ، ثم يلتقيان مرة اخرى بعد 33 سنة بالضبط ، أي أن بعد 33 سنة سيأتي شهر المحرم مع شهر المحرم كمثل اول مرة ، وهذا شئ يعرفه المتخصصون بعلم الفلك ، وايضا كان يعرفه العرب قديما ولذلك عاد شهر الحج لوقته في حجة الوداع واصبح هو نفسه بالتقويمين ، ولذلك قال محمد أن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والارض ، وهي مبالغة كبيرة من محمد مع امر بسيط وسهل ومعروف للجميع ، ومعنى ذلك أن ال 33 سنة قبل حجة الوداع لم يكن التقويم الذي يعمل به العرب موافقا للتقويم المحمدي الجديد ، وبما أن محمد ظل في الدعوة لدينه 23 سنة فمعنى ذلك لم يكن ولا شهر واحد من تلك الشهور التي عاشها محمد في دعوى النبوة موافقا للشهور الصحيحة ، ومعنى ذلك أن شهر رمضان الذي صامه محمد لتسع سنوات لم يكن في الحقيقة رمضان ولا ليلة القدر هي نفسها ليلة القدر وهكذا الخ ، انها بالفعل مشكلة كبيرة وخطيرة جدا ومثيرة ايضا ،ولتأكيد ورطة محمد في هذا الامر الفلكي البحت لا ننسى قصة صيام محمد واصحابه ليوم عاشوراء بعد أن وجد اليهود يصومونه بزعم أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى من فرعون وهذا الحديث موجود في الصحيحين البخاري ومسلم ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال : ( ما هذا ) . قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى . قال : ( فأنا أحق بموسى منكم ) . فصامه وأمر بصيامه البخاري وفي صحيح مسلم ايضا عن عبد الله بن عباس حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه ، قالوا : يا رسول الله ! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع . قال : فلم يأت العام المقبل ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونحن نعرف أن اليهود يحسبون تقويمهم بنظام الكبس ومازالو حتى اليوم فيجعلون الشهر القمري ثابتا في نفس الموعد كل سنة وهذا ما يعتبره محمد خطئا وقام بتحريمه ، فلماذا صام عاشوراء مع اليهود ؟ ولماذا لم يقل لليهود أو على الاقل لأصحابه أن هذا اليوم ليس يوم عاشوراء لأن حساب اليهود ليس دقيقا ، والغريب ان المسلمون مازالو يصومون يوم عاشوراء حتى الان فأخذوه من اليهود واليهود عندهم ذلك اليوم ثابتا كل سنة اما المسلمون فيتغير اليوم في كل سنة واصبح عاشوراء اليهودي في وادي وعاشوراء الاسلامي في وادي اخر ، فكيف يأخذون منهم اليوم ثم يغيرونه كما يحلو لهم ؟ والحقيقة أن ما كان يفعله العرب هو الامر الصحيح لأن نظام الكبس كان هو المعمول به من قبل الامم الاخرى ومازال اليهود يعملون به حتى الان وقد برعوا فيه ، وهو أمر لابد منه لتعويض الفارق بين السنة الشمسية والاثنى عشر شهرا قمريا ، وقد حاول علماء الاسلام قديما وحديثا أن يقنعونا بأن حساب السنة على القمر هو افضل الحساب ويجهل هولاء او يتجاهلون بأن السنة عند القمر هي الشهر وأن القمر في الحقيقة لا سنة له ، كما يتجاهلون أنهم يحسبون كل صلواتهم بالاضافة الى الليل والنهار وما نتج عنهما من اوقات أنما يكون بالشمس لا بالقمر ، كما ان الارض والقمر وكل كواكب المجموعة الشمسية تابعة للشمس فحساب السنة بالشمس هو الاصل وهو الحساب الحقيقي ولا مانع من حساب الشهر بالقمر لأن حساب الشهر بالقمر هو الاصح فاليوم لا يكون ابدا الا بالشمس والشهر لا يكون الا بالقمر والسنة لا تكون الا بالشمس وهذا هو التقويم الحق الذي كان يتبعه أكثر العرب ولذلك كانت الشهور عندهم ثابتة لا تدور مع الفصول بل تتوافق معها تماما ، الا أن محمد الغى الكبس بأية سورة التوبة التي تقول ( أن عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا ) والغى النسئ بأية ( أنما النسئ زيادة في الكفر ) فالاية الاولى تحرم أي زيادة على الاثنى عشر شهرا وهو نظام الكبس والاية الثانية تحرم النسئ وهو تغيير الشهور ، وتحريم الكبس ومنعه هو الذي أدى الى تدميرالتقويم العربي وابداله بتقويم هو الاسوأ في العالم وحتى العلماء الذين يمتدحونه اليوم من امثال زغلول النجار وغيره لا يسيرون عليه ولا يلقون له بالا ولا يجيدون الحساب سوى بالتقويم الشمسي ، وبالاضافة الى ما فعله محمد من الغاء نظام الكبس الذي يعوض الفارق بين الاثنى عشر شهرا قمريا والسنة الشمسية فأنه اصر على ان الهلال لابد وأن تثبت رؤيته بالعين المجردة وهو ما جعل التقويم الهجري تقويم غير عملي وسئ جيدا وجعل المسلمين في حالة اضطراب وتخبط في اثبات الشهر القمري ونحن نرى كل سنة ما يحدث من اختلاف بين الدول الاسلامية في رؤية الهلال مما يجعلهم موضع سخرية من الامم الاخرى فاليهود مع انهم يطبقون التقويم القمري الا انهم يستطيعون تحديد الشهور ولو بعد الف عام ، وبالمقابل المسلمون عاجزون عن تحديد شهر قد دخل بالفعل . والغريب جدا والمثير للتساؤل أن محمدا بعد أن الغى وحرم نظام الكبس والنسئ بزعم المحافظة على الاربعة اشهر الحرم ودفاعا عنها وعن حرميتها الا أن بعض العلماء ذكر أن حرمانية تلك الاشهر قد نسخت فاصبح القتال مباحا طوال السنة وقد قاتل وتقاتل المسلمون في كل الشهور ، وهذا امر غريب جدا ! وهذه بعض اقوال العلماء بخصوص التقويم القمري :قول ابو ريحان البيروني في كتاب الاثار الباقية وكان العرب في الجاهليّة يستعملونها علی نحو ما يستعمله أهل الإسلام. وكان يدور حجّهم في الازمنة الاربعة، ثمّ أرادوا أن يحجّوا في وقت إدراك سلعهم من الاُدْم والجلود والثمار وغير ذلك، وأن يثبت ذلك علی حالة واحدة وفي أطيب الازمنة وأخصبها. فتعلّموا الكبسَ من إلیهود المجاورين لهم وذلك قبل الهجرة بقريب من مائتي سنة فأخذوا يعملون بها ما يشاكل فعل إليهود من إلحاق فضل ما بين سنتهم وسنة الشمس شهراً بشهورها إذا تمّ. ويتولّي القَلاَمِسُ بعد ذلك أن يقومون بعد انقضاء الحجّ، ويخطبون في الموسم، وينسئون الشهر، ويسمّون التإلی له باسمه. فيتّفق العرب علی ذلك ويقبلون قوله ويسمّون هذا من فعلهم: النسيء، لانـّهم كانوا ينسأون أوّل السنة في كلّ سنتين أو ثلاث شهراً علی حسب ما يستحقّه التقدّم. قال قائلهم: لَنَا نَاسِيٌ تَمْشُونَ تَحْتَ لِوائِهِ يُحِلُّ إذَا شَاءَ الشُّهُورَ وَيُحَرِّمُ وكان النسيء الاوّل للمحرّم، فسمّي صفر به وشهر ربيع الاوّل باسم صفر، ثمّ والوا بين أسماء الشهور. وكان النسيء الثاني لصفر فسمّي الشهر الذي كان يتلوه وهو ربيع الاوّل بصفر أيضاً. وكذلك حتّي دار النسيء في الشهور الاثني عشر، وعاد إلی المحرّم، فأعادوا بها فعلهم الاوّل. وكانوا يعدّون أدوار النسيء ويحدّون بها الازمنة فيقولون قد دارت السنون من زمان كذا إلی زمان كذا دورة. فإن ظهر لهم مع ذلك تقدّم شهر عن فصل من الفصول الاربعة لما يجتمع من كسور سنة الشمس وبقيّة فصل ما بينها وبين سنة القمر الذي ألحقوه بها كبسوها كبساً ثانياً وكان يبيّن لهم ذلك بطلوع منازل القمر وسقوطها حتّي هاجر النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم. وكانت نوبة النسيء كما ذكرت بلغت شعبان، فسمّي محرّماً، وشهر رمضان صفر.فانتظر النبيّ صلّي الله عليه وسلّم حينئذٍ حجّة الوداع وخطب للناس وقال فيها: ألاَ وإنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَهُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ.عنى بذلك أنّ الشهور قد عادت إلی مواضعها، وزال عنها فعل العرب بها. ولذلك سمّيت حجّة الوداع، الحجّ الاقْوَم ثمّ حرّم ذلك، وأهمل أصلاً.
ويقول في موضع آخر: وفي التاسع عشر من شهر رمضان فتح مكّة. ولم يقم رسول الله صلّي الله عليه وسلّم الحجّ، لانّ شهور العرب كانت زائلة بسبب النسيء. وتربّص حتّي عادت إلی مكانها، ثمّ حجّ حجّة الوداع، وحرّم النسيء .
يقول المسعودي في مروج الذهب :شهور الاهلّة: أوّلها المحرّم، وأيّامها ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً تنقص عن السريانيّ أحد عشر يوماً وربع يوم. فتفرق في كلّ ثلاث وثلاثين سنة، فتنسلخ تلك السنة العربيّة، ولا يكون فيها نيروز. وقد كانت العرب في الجاهليّة تكبس في كلّ ثلاث سنين شهراً وتسمّية النسيء، وهو التأخير. وقد ذمّ الله تبارك وتعالي فعلهم بقوله: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ.
يقول القرطبي في تفسيره :وقال مجاهد: كان المشركون يحجون في كل شهر عامين، فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور كلها حتى وافقت حجة أبي بكر التي حجها قبل حجة الوداع ذا القعدة من السنة التاسعة. ثم حج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في العام المقبل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة، فذلك قوله في خطبته: «إن الزمان قد استدار» الحديث. أراد بذلك أن أشهر الحج رجعت إلى مواضعها، وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسي.
قال إياس بن معاوية: كان المشركون يحسبون السنة اثني عشر شهرا وخمسة عشر يوما، فكان الحج يكون في رمضان وفي ذي القعدة، وفي كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهر بزيادة الخمسة عشر يوما فحج أبو بكر سنة تسع في ذي القعدة بحكم الاستدارة، ولم يحج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما كان في العام المقبل وافق الحج ذا الحجة في العشر، ووافق ذلك الأهلة. وهذا القول أشبه بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الزمان قد استدار».
أي زمان الحج عاد إلى وقته الأصلي الذي عينه الله يوم خلق السموات والأرض بأصل المشروعية التي سبق بها علمه، ونفذ بها حكمه.
ثم قال: السنة اثنا عشر شهرا. ينفي بذلك الزيادة التي زادوها في السنة- وهي الخمسة عشر يوما- بتحكمهم، فتعين الوقت الأصلي وبطل التحكم الجهلي. وحكى الامام المازري عن الخوارزمي أنه قال: أول ما خلق الله الشمس أجراها في برج الحمل، وكان الزمان الذي أشار به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صادف حلول الشمس برج الحمل.
وهذا يحتاج إلى توقيف، فإنه لا يتوصل إليه إلا بالنقل عن الأنبياء، ولا نقل صحيحا عنهم بذلك، ومن ادعاه فليسنده. ثم إن العقل يجوز خلاف ما قال، وهو أن يخلق الله الشمس قبل البروج، ويجوز أن يخلق ذلك كله دفعة واحدة.
ثم إن علماء التعديل قد اختبروا ذلك فوجدوا الشمس في برج الحوت وقت قوله عليه السلام: «إن الزمان قد استدار» بينها وبين الحمل عشرون درجة. ومنهم من قال عشر درجات. والله أعلم. واختلف أهل التأويل في أول من نسأ، فقال ابن عباس وقتادة والضحاك: بنو مالك بن كنانة، وكانوا ثلاثة.
وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أول من فعل ذلك عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف.وقال الكلبي: أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة، ثم كان بعده رجل يقال له: جنادة بن عوف، وهو الذي أدركه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال الزهري: حي من بني كنانة ثم من بني فقيم منهم رجل يقال له القلمس واسمه حذيفة بن عبيد.وفي رواية: مالك بن كنانة. وكان الذي يلي النسي يظفر بالرئاسة لتريس العرب إياه.
يقول الالوسي في تفسيره :وقرأ نافع {النسي} بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء، والمراد به تأخير حرمة شهر إلى آخر، وذلك أن العرب كانوا إذا جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرموا مكانه شهرًا آخر فيستحلون المحرم ويحرمون صفرًا فإن احتاجوا أيضًا أحلوه وحرموا ربيعًا الأول وهكذا كانوا يفعلون حتى استدال التحريم على شهور السنة كلها، وكانوا يعتبرون في التحريم مجرد العدد لا خصوصية الأشهر المعلومة، ورا زادوا في عدد الشهور بأن يجعلوها ثلاثة عشر أو أربعة عشر ليتسع لهم الوقت ويجعلوا أربعة أشهر من السنة حرامًا أيضًا، ولذلك نص على العدد المعين في الكتاب والسنة، وكان يختلف وقت حجهم لذلك، وكان في السنة التاسعة من الهجرة التي حج بها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بالناس في ذي القعدة وفي حجة الوداع في ذي الحجة وهو الذي كان على عهد إبراهيم عليه السلام ومن قبله من الأنبياء عليهم السلام. ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الزمان قد استدار» الحديث، وفي رواية أنهم كانوا يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين وفي المحرم عامين وهكذا، ووافقت حجة الصديق في ذي القعدة من سنتهم الثانية، وكانت حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان من قبل ولذا قال ما قال، أي إنما ذلك التأخير {النسىء زِيَادَةٌ فِى الكفر} الذي هم عليه لأنه تحريم ما أحل الله تعالى وقد استحلوه واتخذوه شريعة وذلك كفر ضموه إلى كفرهم.
يقول الرازي
المسألة الأولى: في {النسئ} قولان:القول الأول: أنه التأخير.قال أبو زيد: نسأت الإبل عن الحوض أنسأها نسأ إذا أخرتها وأنسأته إنساء إذا أخرته عنه، والاسم النسيئة والنسء، ومنه: أنسأ الله فلاناً أجله، ونسأ في أجله قال أبو علي الفارسي: النسئ مصدر كالنذير والنكير، ويحتمل أيضاً أن يكون نسئ بمعنى منسوء كقتيل: بمعنى مقتول، إلا أنه لا يمكن أن يكون المراد منه هاهنا المفعول، لأنه إن حمل على ذلك كان معناه: إنما المؤخر زيادة في الكفر، والمؤخر الشهر، فيلزم كون الشهر كفراً، وذلك باطل، بل المراد من النسيء هاهنا المصدر بمعنى الإنساء، وهو التأخير. وكان النسئ في الشهور عبارة عن تأخير حرمة شهر إلى شهر آخر، ليست له تلك الحرمة.
وروي عن ابن كثير من طريق شبل: النسء بوزن النفع وهو المصدر الحقيقي، كقولهم: نسأت، أي أخرت وروي عنه أيضاً: النسئ مخففة الياء، ولعله لغة في النسء بالهمزة مثل: أرجيت وأرجأت.
وروي عنه: النسي مشدد الياء بغير همزة وهذا على التخفيف القياسي.والقول الثاني: قال قطرب: النسئ أصله من الزيادة يقال: نسأل في الأجل وأنسأ إذا زاد فيه، وكذلك قيل للبن النسء لزيادة الماء فيه، ونسأت المرأة حبلت، جعل زيادة الولد فيها كزيادة الماء في اللبن، وقيل للناقة: نسأتها، أي زجرتها ليزداد سيرها وكل زيادة حدثت في شيء فهو نسئ قال الواحدي: الصحيح القول الأول، وهو أن أصل النسئ التأخير، ونسأت المرأة إذا حبلت لتأخر حيضها، ونسأت الناقة أي أخرتها عن غيرها، لئلا يصير اختلاط بعضها ببعض مانعاً من حسن المسير، ونسأت اللبن إذا أخرته حتى كثر الماء فيه.
إذا عرفت هذين القولين فنقول: إن القوم علموا أنهم لو رتبوا حسابهم على السنة القمرية، فإنه يقع حجهم تارة في الصيف وتارة في الشتاء، وكان يشق عليهم الأسفار ولم ينتفعوا بها في المرابحات والتجارات، لأن سائر الناس من سائر البلاد ما كانوا يحضرون إلا في الأوقات اللائقة الموافقة، فعلموا أن بناء الأمر على رعاية السنة القمرية يخل بمصالح الدنيا، فتركوا ذلك واعتبروا السنة الشمسية، ولما كانت السنة الشمسية زائدة على السنة القمرية بمقدار معين، احتاجوا إلى الكبيسة وحصل لهم بسبب تلك الكبيسة أمران:
أحدهما: أنهم كانوا يجعلون بعض السنين ثلاثة عشر شهراً بسبب اجتماع تلك الزيادات.
والثاني: أنه كان ينتقل الحج من بعض الشهور القمرية إلى غيره، فكان الحج يقع في بعض السنين في ذي الحجة وبعده في المحرم وبعده في صفر، وهكذا في الدور حتى ينتهي بعد مدة مخصوصة مرة أخرى إلى ذي الحجة، فحصل بسبب الكبيسة هذان الأمران:
أحدهما: الزيادة في عدة الشهور.
والثاني: تأخير الحرمة الحاصلة لشهر إلى شهر آخر .
وقد بينا أن لفظ النسئ يفيد التأخير عند الأكثرين، ويفيد الزيادة عند الباقين، وعلى التقديرين فإنه منطبق على هذين الأمرين.
والحاصل من هذا الكلام: أن بناء العبادات على السنة القمرية يخل مصالح الدنيا، وبناؤها على السنة الشمسية يفيد رعاية مصالح الدنيا والله تعالى أمرهم من وقت إبراهيم وإسمعيل عليهما السلام ببناء الأمر على رعاية السنة القمرية، فهم تركوا أمر الله في رعاية السنة القمرية، واعتبروا السنة الشمسية رعاية لمصالح الدنيا، وأوقعوا الحج في شهر آخر سوى الأشهر الحرم، فلهذا السبب عاب الله عليهم وجعله سبباً لزيادة كفرهم، وإنما كان ذلك سبباً لزيادة الكفر، لأن الله تعالى أمرهم بإيقاع الحج في الأشهر الحرم، ثم إنهم بسبب هذه الكبيسة أوقعوه في غير هذه الأشهر، وذكروا لأتباعهم أن هذا الذي عملناه هو الواجب، وأن إيقاعه في الشهور القمرية غير واجب، فكان هذا إنكاراً منهم لحكم الله مع العلم به وتمرداً عن طاعته، وذلك يوجب الكفر بإجماع المسلمين فثبت أن عملهم في ذلك النسئ يوجب زيادة في الكفر، وأما الحساب الذي به يعرف مقادير الزيادة الحاصلة بسبب تلك الكبائس فمذكور في الزيجات،
وأما المفسرون فإنهم ذكروا في سبب هذا التأخير وجهاً آخر فقالوا: إن العرب كانت تحرم الشهور الأربعة، وكان ذلك شريعة ثابتة من زمان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وكان العرب أصحاب حروب وغارات فشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغزون فيها وقالوا: إن توالت ثلاثة أشهر حرم لا نصيب فيها شيئاً لنهلكن، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم.
قال الواحدي: وأكثر العلماء على أن هذا التأخير ما كان يختص بشهر واحد، بل كان ذلك حاصلاً في كل الشهور، وهذا القول عندنا هو الصحيح على ما قررناه. واتفقوا أنه عليه السلام لما أراد أن يحج في سنة حجة الوداع عاد الحج إلى شهر ذي الحجة في نفس الأمر، فقال عليه السلام: «ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً» وأراد أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها.
المسألة الثانية: قوله تعالى: {زِيَادَةٌ فِي الكفر} معناه: أنه تعالى حكى عنهم أنواعاً كثيرة من الكفر، فلما ضموا إليها هذا العمل ونحن قد دللنا على أن هذا العمل كفر كان ضم هذا العمل إلى تلك الأنواع المذكورة سالفاً من الكفر زيادة في الكفر. احتج الجبائي بهذه الآية على فساد قول من يقول: الإيمان مجرد الاعتقاد والإقرار، قال: لأنه تعالى بين أن هذا العمل زيادة في الكفر والزيادة على الكفر يجب أن تكون إتماماً، فكان ترك هذا التأخير إيماناً، وظاهر أن هذا الترك ليس بمعرفة ولا بإقرار. فثبت أن غير المعرفة والإقرار قد يكون إيماناً قال المصنف رضي الله عنه: هذا الاستدلال ضعيف، لأنا بينا أنه تعالى لما أوجب عليهم إيقاع الحج في شهر ذي الحجة مثلاً من الأشهر القمرية، فإذا اعتبرنا السنة الشمسية، فربما وقع الحج في المحرم مرة وفي صفر أخرى. فقولهم: بأن هذا الحج صحيح يجزى، وأنه لا يجب عليهم إيقاع الحج في شهر ذي الحجة إن كان منهم بحكم علم بالضرورة كونه من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فكان هذا كفراً بسبب عدم العلم وبسبب عدم الإقرار.
أما قوله تعالى: {يُضَلُّ بِهِ الذين كَفَرُواْ} فهذا قراءة العامة وهي حسنة لإسناد الضلال إلى الذين كفروا لأنهم إن كانوا ضالين في أنفسهم فقد حسن إسناد الضلال إليهم، وإن كانوا مضلين لغيرهم حسن أيضاً، لأن المضل لغيره ضال في نفسه لامحال. وقراءة أهل الكوفة {يضل} بضم الياء وفتح الضاد، ومعناه: أن كبراءهم يضلونهم بحملهم على هذا التأخير في الشهور، فأسند الفعل إلى المفعول كقوله في هذه الآية: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أعمالهم} أي زين لهم ذلك حاملوهم عليه.
وقرأ أبو عمرو في رواية من طريق ابن مقسم {يُضَلُّ بِهِ الذين كَفَرُواْ} بضم الياء وكسر الضاد وله ثلاثة أوجه: أحدها: يضل الله به الذين كفروا.والثاني: يضل الشيطان به الذين كفروا.والثالث: وهو أقواها يضل به الذين كفروا تابعيهم والآخذين بأقوالهم، وإنما كان هذا الوجه أقوى لأنه لم يجر ذكر الله ولا ذكر الشيطان.واعلم أن الكناية في قوله: {يُضِلُّ بِهِ} يعود إلى النسئ وقوله: {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرّمُونَهُ عَامًا} فالضمير عائد إلى النسئ. والمعنى: يحلون ذلك الإنساء عاماً ويحرمونه عاماً.قال الواحدي: يحلون التأخير عاماً وهو العام الذي يريدون أن يقاتلوا في المحرم، ويحرمون التأخير عاماً آخر وهو العام الذي يدعون المحرم على تحريمه.قال رضي الله عنه هذا التأويل إنما يصح إذا فسرنا النسئ بأنهم كانوا يؤخرون المحرم في بعض السنين، وذلك يوجب أن ينقلب الشهر المحرم إلى الحل وبالعكس، إلا أن هذا إنما يصلح لو حملنا النسئ على المفعول وهو المنسوء المؤخر، وقد ذكرنا أنه مشكل لأنه يقتضي أن يكون الشهر المؤخر كفراً وأنه غير جائز إلا إذا قلنا إن المراد من النسئ المنسوء وهو المفعول، وحملنا قوله: {إِنَّمَا النسئ} زيادة في الكفر على أن المراد العمل الذي به يصير النسئ سبباً في زيادة الكفر، وبسبب هذا الإضمار يقوى هذا التأويل.أما قوله: {لّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ الله} قال أهل اللغة يقال: واطأت فلاناً على كذا إذا وافقته عليه.
قال المبرد: يقال: تواطأ القوم على كذا إذا اجتمعوا عليه، كان كل واحد يطأ حيث يطأ صاحبه والإيطاء في الشعر من هذا وهو أن يأتي في القصيدة بقافيتين على لفظ واحد، ومعنى واحد.قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنهم ما أحلوا شهراً من الحرام إلا حرموا مكانه شهراً من الحلال، ولم يحرموا شهراً من الحلال إلا أحلوا مكانه شهراً من الحرام، لأجل أن يكون عدد الأشهر الحرم أربعة، مطابقة لما ذكره الله تعالى، هذا هو المراد من المواطأة. ولما بين تعالى كون هذا العمل كفراً ومنكراً قال: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أعمالهم والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} قال ابن عباس والحسن: يريد زين لهم الشيطان هذا العمل والله لا يرشد كل كفار أثيم.
بقلم الباحث : علي السعدي
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
شكراً لمروركم الكريم
يرجى ان يكون تعليقك يخص نفس الموضوع
سوف يتم الرد عليكم ان وجد في سؤال يخص الموضوع
ان كان التساؤل لا يخص الموضوع سوف يتم تجاهله